وهؤلاء السادة الذين حملوا إلينا هذا الدين هم خير هذه الأمة بشهادة رسول الله لهم عليه الصلاة والسلام "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم".
ولو وافق الدعاة جميعا للرجوع إلى هذا المنهج الأصيل والتقيد به في دعوتهم وعملوا به في أنفسهم أولا عقيدة وعبادة وسلوكاً، لكان خيراً وبركة على الأمة، ووقاية لهم من كل شر. وقد صدق من قال:
(وكل خير في اتباع من سلف ... وكل شر في ابتداع من خلف)
ويوم أن تلتقي دعوة الدعاة عند هذين العنصرين بتوفيق الله، يومئذ يتمتع المجتمع الإسلامي المعاصر ببركة اتباع السنة التي كان عليها سلف هذه الأمة لتغيير حياتهم وليعيشوا حياة غير هذه الحياة وليس ذلك على الله بعزيز.
والتاريخ خير شاهد لما قلت، ولست أتكلف لضرب الأمثلة لما ذكرت أَكثر من أن أشير إشارة إلى تلك الدعوة الفتية والتي نستظل اليوم بظلها ونرى أثرها واضحاً في هذا البلد والتي جددت للناس دينهم وعقيدتهم في القرن الثاني عشر، ناهجة منهج السلف الصالح.
وقد هاجمت تلك الدعوة الجاهلية بألوانها وأشكالها في باب العقيدة والعبادة والأحكام، ودعت إلى إخلاص العبادة لله وحده وتجريد المتابعة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن يكون الحكم لله وحده في أرضه وبين عباده، فعلت الدعوة كل ذلك دون إلتفات إلى ما يترتب على ذلك من عداء عالمي إيماناً من حملة تلك الدعوة بأن الله معهم وسوف يجعل العاقبة لهم، لأن العاقبة للمتقين دائماً. بدأت الدعوة عملها في شرقي شبه الجزيرة ثم شملتها كلها حتى شع نشرها على أنحاء العالم شرقاً وغرباً، وقد هاجت الدنيا فقامت وقعدت وصرخت في وجه الدعوة الجديدة والمجددة زاعمة أنها جاءت بدين جديد يخالف دين الآباء.
وأصحاب الدعوة الجديدة لا يلتفتون إلى هذا الهيجان والصراخ بل هم ماضون في دعوتهم، وكأني بهم وهم يقولون:"ليس كل من ينبح عليه الكلب لصا" كما يقولون: وهذه الدعوة الشجاعة والفريدة في ذلك القرن وما بعده قد بارك الله فيها حتى قامت بها دولة إسلامية في قلب الجزيرة واتخذت القرآن دستوراً لها، إيماناً منها بأنه كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ألا (وهي دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله) مجدد القرن الثاني عشر. وذلك من بركات اتباع ذلك المنهج السلفي المبارك.
فعلى الدعاة الصالحين في الوقت الحاضر، أن يحذوا حذو هذه الدعوة المباركة، وأن يتأسوا بذلك الداعية في غيرته على دين الله وحرصه على نصح عباد الله، وصبره فيما لاقاه في