وأدخل على المنصور يوما وردة في غير ايامها؛ لم تستتم فتح كمامها. فقال فيها صاعد على الارتجال:
أتتك أبى عامر وردة ... يذكرك المسك أنفاسها
كعذراء أبصرها مبصر ... فغطت بأكمامها رأسها فسر بذلك المنصور، وكان أبي العريف حاضرا، فحسده وجرى إلى مناقضته، وقال لأبن أبي عامر: أن هذه البيتين لغيره، [٣٣] وقد أنشدنيهما بعض البغداديين بمصر نفسه، وهما عندي على ظهر كتاب بخطه. فقال له المنصور: أرنيه. فخرج أبن العريف وركب وجعل يحث حتى أتى مجلس أبن بدر، وكان أحسن أهل وقته بديهة، فوصف له ما جرى فقال:
عشوت إلى قصر عباسة ... وقد جدل النوم حراسها
فأليفتها وهي في خدرها ... وقد صرع السكر أناسها
فقالت: أسار على هجعة - ... فقلت: بلى، فرمت كاسها
ومدت يديها إلى وردة ... يحاكي لك الطيب أنفاسها
كعذراء أبصرها مبصر ... فغطت بأكمامها رأسها
وقالت: خف الله لا تفضحن ... في ابنه عمك أنفاسها
فوليت عنها على عفة ... وما خنت ناسي ولا ناسها فطار أبن العريف بها وعلقها على ظهر كتاب بخط مصري