فصل في ذكر الأعيان المشاهير، من أرباب صناعة المنظوم والمنثور، بحضرة إشبيلية ونواحيها، وما يصاقبها ويدانيها، من بلا ساحل البحر المحيط الرومي، وهو الجانب الغربي من جزيرة الأندلس، وإيراد ما بلغني من غرر أشعارهم، ومستطرف أخبارهم، مع ما يتعلق بها، ويذكر بسببها.
قال ابن بسام: وحضرة إشبيلية على قدم الدهر كانت قاعدة هذا الجانب الغربي من الجزيرة، وقرارة الرياسة ومركز الدول المتداولة، ومنها مهدت البلاد، وانبثت الجياد، عليها الفرسان، كأنها العقبان، وبهذا الأفق نزل جند حمص من المشرق فسميت حمص، ولما كانت دار الأعزة والأكابر، ثابت فيها الخواطر، وصارت مجمعاً لصوب العقول وذوب العلوم، وميداني فرسان المنثور والمنظوم، لا سيما من أول المائة الخامسة من الهجرة حين فرح كل حزب بما لديه، وغلب كل رئيسٍ