للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ما سيؤديه من خدمات وهو (بطرقته وتمليكه على جماعة الروم) ولا أدري كيف يُقبل من رجل أنه سيدل على عورات قوم يسعى إلى ولايتهم، وسيكون مسؤولاً عن مصالحهم والدفاع عنهم؟!.

ولهذا يتضح أن قبول مثل هذا الجسم الغريب لينضم إلى الجيش بداية حقيقية للفشل والعجز عن تحقيق الهدف.

على أي حال فُكَّ الحصار عن مدينة عمورية تنفيذاً للاتفاق، وواصل الجيش الإسلامي مسيره نحو القسطنطينية كما أسلفنا.

وهنا تختلف الروايات العربية حول اليون؛ فأكثرها يذكر أنه صاحَبَ الجيشَ الإسلامي حتى وصل إلى القسطنطينية، وظل مع مسلمة يظهر موالاته ويتحين الفرصة المناسبة للانحياز إلى صف الروم، ليصل إلى هدفه الذي خطط له وهو تسنم عرش الإمبراطوية ـ في ظل ضعف حاكمها عن المواجهة ـ ومن ثم المكر بالمسلمين. وهذا ما تم له ـ وفقاً لهذه الروايات ـ؛ فإنه لما ألحَّ المسلمون في حصار المدينة وضاق الحال بأهلها طلب الروم من مسلمة أن يبعث إليهم اليون، فلما صار إليهم أخبرهم بأنه مستعد للتصدي لمسلمة مقابل تمليكه عليهم، فبايعوه، ١، وعند المسعودي أنه هو الذي استأذن مسلمة في التوسط بينه وبينهم، فلما سار إليهم، دعاهم إلى بيعته فأجابوه ٢.

والروايتان كما يظهر متفقتان، وإن بدا اختلاف يسير في مَنْ هو الذي طلب من مسلمة التوسط، هل هو اليون نفسه أم الروم؟ ويمكن أن يقال: إن الروم هم الذين بدأوا بالطلب ثم استأذن اليون من مسلمة تبعاً لذلك، ليهتبل الفرصة التي كان ينتظرها على أحر من الجمر.


١ المصدر السابق ٦/٤٤.
٢ التنبيه ص ١٦٥-١٦٦.

<<  <   >  >>