للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غزوة تبوك فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد، واستقبل سفراً بعيداً ومفازاً، وعدواً كثيراً فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم " الحديث١.

ومن أمثلته أيضاً ما فعله نعيم بن مسعود من إلقاء العداوة والبغضاء بين مشركي العرب وبين اليهود في غزوة الخندق وكان ذلك من أسباب الظفر والنصر، ثم أرسل الله على المشركين ريحاً فرقت ما بقي من أمرهم٢.

ومن أمثلته أيضاً ما حصل من محمد بن مسلمة من تلطفه لعدو الله كعب بن الأشرف اليهودي وقتله على غرة وكفى الله المؤمنين شره٣.

ومن ذلك أيضاً قتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق اليهودي قتله عبد الله بن عتيك رضي الله عنه بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم ٤.

هذه نماذج وشواهد من دلالة الآيات القرآنية والسنة النبوية على الحيل التي لا تناقض مقاصد الشارع وأنها جائزة، بل تصل إلى درجة الوجوب إذا كان متعلقها واجباً.

ومن الحيل الفقهية، والمخارج الشرعية التي ذكرها الفقهاء في كتبهم ما ذكره ابن القيم رحمه الله في كتابيه "إعلام الموقعين" و"إغاثة اللهفان"، فقد ذكر في إعلام الموقعين مائة وسبعة عشر مثالا للحيل الجائزة، وذكر في إغاثة اللهفان ثمانين مثالا للحيل الجائزة، ولا داعي لتكرارها هنا بجملتها، وإنما أحيل القارئ إليها لتمعنها وتدبرها، وإنما كان قصدي هنا الإشارة إلى أن باب الحيل باب واسع، منه الجائز ومنه غير الجائز، وقد مضت الضوابط والأدلة والشواهد على كلا النوعين، وهذا الذي كتبته مختصر من العلم نافع، لا يستغني عنه طالب العلم، ولا يسع القاضي جهله، به تتبين مقاصد الشارع وأسرارها، وبه يعلم الفرق بين ما اشتبه على الناس من مسائل الحيل.

كما أود الإشارة أيضاً إلى كتابين عظيمين أيضاً في هذا الباب أحدهما "إقامة الدليل في إبطال التحليل" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

والآخر "الأذكياء" لابن الجوزي رحمه الله حيث أفردها بأبواب خاصة، وأكتفي بذكرهما عن غيرهما.


١ صحيح البخاري جـ ٦ ص ٤، صحيح مسلم جـ ٨ ص ١١٢.
٢ زاد المعاد جـ٢ ص ٢٩١-٢٩٢.
٣ انظر تفاصيل القصة في فتح الباري جـ ٦ ص ٩٨، وكتب السير والمغازي.
٤ انظر تفاصيل القصة في فتح الباري جـ٧ ص ٢٤٢، وكتب السير المغازي.

<<  <   >  >>