حتى يتبسم له قلمي عن شعر الملاطفة والمحاباة، كلا وربك، تلك شنشنة لم أعرفها من اخزم، وذلك مهيع لم من أبناء العفة، فكيف لقلم مثلي بمواساة من أغنته ثروة مجده الطائلة عن مواساة أقلام الكاتبين! أم كيف لصرير قلمي أن يصل إلى منافذ ذلك العقل الكبير وقد ملأها صوت ضمير النزاهة روعة وجلالا، وصد رنين الحق حاسته السمعية عن سماع نداء الاستمالة والاستهواء بتمويهات القول الكاذب وتنويهات الفضل المزعوم! إن أول مايتراءى من بين أشباح أغنياء الشرف المطل على مستوى العلماء الدينيين من نوافذ الاستطلاع شبح مولانا الأستاذ الإمام يتراءى طودا راسخا على قوائم الجد العملي، وقد كسته يد طبيعة السعد الجميل والبخت الميمون حلة الازدهاء والازدهار.
١ - بدايته ومشيخته ورحلاته:
ربي في كنف والده المحترم، وزاويتهم المكتظة على الدوام برجال العلم والدين والأدب من الوطنيين والأفاقيين، وأول ماحبب الله إليه من العلوم علم الحديث والسيرة النبوية بسبب حضوره دروس والده المفضال فيهما. وأول كتاب حضر عليه فيها الشمائل بشرح المناوي:
*فصادف قلبا خاليا فتمكنا* ... فاتخذ الكتاب المذكور هجيراه حتى كاد يحفظه، ثم أخذ في حضور دروس العلم على أعلام فاس:
١ - كخاله أبي المواهب جعفر بن إدريس الكتاني: سمع عليه الكثير من كتب الحديث والفقه والتصوف والتاريخ والأنساب في مجالس خاصة، والهمزية بجامع الأقواس في الملأ العام، وأجازه عامة مروياته عام ١٣١٨.
٢ - ووالده الشيخ الإمام: سمع عليه كثيرا من كتب الصحاح والسنن