للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} ، وغيرها من نصوص الصفات مع عدم وجوب تأويل قوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ، {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، وغيرها من النصوص التي بينت نوعاً خاصاً من الصفات، وهي صفات المعاني والصفات المعنوية على الاصطلاح الخاص بهم، وكذلك الصفات السلبية على تفسيرهم.

إن هذه الدعوى، وهذا التصرف الأشعري أو الكلابيّ على الأصح - إنما هو تصرف يستند إلى مجرد التقليد، لا يستند إلى دليل نقلي، أو عقلي مقبول لدى غيرهم من العقلاء، بل الذي ثبت بالتجربة والدراسة أن اللاحق منهم يرث هذا المنهج من السابق. فما وجده في كتاب من سبقه، أو سمعه من شيوخه هو المذهب الصحيح وهو الدّين وهو العقيدة دون تفكير في الدليل، ومن جهة أخرى، إن ما نفاه الشيوخ هو المنفي، ولو دلت عليه آية صريحة أو سنة صحيحة.

والشيخ لا يسئل ولا يناقش فيما أثبته أو نفاه، بدعوى أن المناقشة غير جائزة في مثل هذه الموضوعات، والأسلوب التقليدي المتبع هو (هكذا نقلنا عن مشايخنا، وهم أعلم منا) !!

وبعد، فإن الأسلوب الذي أشرنا إليه هو الأسلوب الذي كان متبعاً، وملتزماً لدى مشايخنا الذين درسنا عليهم العقيدة الأشعرية، وإنما نوّهت به، أو رويته لأثبت بالعيان، لا بالإخبار، أن العقيدة الأشعرية كثيراً ما تعتمد على التقليد١ الوراثي كما أسلفنا، وهذا هو سر تناقضهم بالتفريق بين الصفات كما تقدمت الإشارة إلى الأمثلة، والذي يقتضيه المنطق السليم إما أن يثبتوا جميع الصفات الثابتة بالكتاب والسنة، دون تفريق بين صفة وصفة، وهو المنهج السلفي الذي عليه علماء الحديث والسنة قديماً وحديثاً، وهو الذي يساير العقل والنقل كما علمنا مما


١ زد على ذلك تأثر متأخري الأشاعرة بفكر المعتزلة، وآراء الفلاسفة كما يلاحظ ذلك لدى الرازي والآمدي وأمثالهما ممن وقعوا في التفريق بين الصفات دون مبرر.

<<  <   >  >>