للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تدل بظاهرها إلا على ما يليق بالله - خلاف ما يزعمه الزاعمون- أي أنهم لا يؤولونه كما أوله غيرهم. يبد أن إثباتهم لا يصل بهم إلى حد التشبيه والتمثيل -كما قلنا في غير موضع- من الرسالة.

وأما الخلف فلم يوفقوا في هذه الصفة كما لم يحالفهم التوفيق أيضاً في جميع الصفات على اختلاف مشاربهم، فزعموا: أنه ما ثمةَ غضب. وإنما المراد بالغضب المذكور في النصوص لازم الغضب وهو إرادة الانتقام. وعللوا لما ذهبوا إليه بقولهم: إن أصل الغضب غليان دم القلب عند إرادة الانتقام، وذلك مستحيل على الله تعالى، أو بعبارة أخرى: إن حقيقة الغضب الانفعال والتغير من حال إلى حال، وهو أمر لا يليق بالله، إلى آخر تلك التعليلات والأعذار غير المقبولة لدى غيرهم، من أهل السنة والجماعة.

ولدفع هذه الشبهة التي نسجوها من خيوط العنكبوت نقول هنا ما قلناه في رد شبهاتهم السابقة حول الصفات التي تحدثنا عنها سابقاً: وهو أن لوازم صفات المخلوقين التي ذكروها لا تلزم صفات الخالق، إذ لا مناسبة بين صفات الخالق وصفات المخلوق حتى تقاس صفاته سبحانه على صفاتهم، وكما أنهم أثبتوا ذات البارئ دون تفكير في لوازم ذوات المخلوقين، يلزمهم إثبات صفاته ذاتية أو فعلية دون تفكير في لوازم صافت المخلوقين، وهذا الإلزام يلحق أو يلزم جميع النفاة المعتزلة والأشاعرة وأتباعهم.

هكذا نوجز القول في هذه الصفة اكتفاء بما تقدم من المناقشة حول الصفات التي قبلها، لأن الكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخر. وبالتالي فإن الكلام في الصفة عامة كالكلام في الذات سلباً وإيجاباً.

<<  <   >  >>