للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أولاً.

وهل من الجائز ثانياً أن يقال: لما خلقت (بقدرتي) ؟

الجواب: لا، إجماعاً أيضاً - فيما أعتقد - لأن الذي ندين به نحن وإياهم - فيما أعلم- أن لله قدرة واحدة وباهرة {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ١، لعدم الدليل على التعدد، هكذا يتضح الصواب في المسألة بإذن الله.

وما ذكرناه في تفسير آية (المائدة) يقال في تفسير آية (ص) فإذاً هما يدان تليقان بالله تعالى لا القدرة، لأن القدرة صفة أخرى غير اليد كما علمنا، ولا النعمة لما شرحنا، ولا الجارحة، لأن الجارحة للمخلوق. ولا تشبه يده يد المخلوق. إذ ليس كمثله شيء.

قال الإمام أبو الحسن الأشعري - وهو يناقش تفسير الخلف لآية (ص) -: "فلو كان الله عز وجل عنى بقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ، القدرة لم يكن لآدم عليه السلام على إبليس في ذلك ميزة، والله عز وجل أراد أن يُرى أن لآدم على إبليس فضلاً إذ خلقه بيده دونه، ولو كان خالقاً لإبليس بيديه كما خلق آدم عليه السلام بيديه لم يكن لتفضيله عليه بذلك وجه، وكان إبليس يقول محتجاً على ربه: فقد خلقتني بيديك كما خلقت آدم بهما، فلما أراد الله عز وجل تفضيله عليه بذلك، قال له موبخاً لاستكباره على آدم أن يسجد له {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ} ؟!! فدل على أنه ليس معنى الآية القدر، إذ أن الله عز وجل خلق الأشياء جميعها بقدرته، وإنما أراد إثبات يدين لم يشارك إبليس آدم عليه السلام في أن خلق بهما، وليس يخلو قوله عز وجل: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} أن يكون معنى ذلك إثبات يدين (نعمتين) أو يكون معنى ذلك إثبات يدين (جارحتين) أو يكون معنى ذلك إثبات يدين (قُدرتين) أو يكون معنى ذلك إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا قدرتين، لا يوصفان إلا كما وصف الله عز


١ سورة المائدة آية: ١٢٠.

<<  <   >  >>