للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وجل. فلا يجوز أن يكون معنى ذلك نعمتين، لأنه لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول القائل: عملت بيديّ وهو يعني نعمتيّ، ولا يجوز عندنا ولا عند خصومنا أن نعني جارحتين ولا يجوز عند خصومنا أن نعني قدرتين١.

وإذا فسدت الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع، وهو أن معنى قوله (بيدي) إثبات يدين ليستا جارحتين، ولا قدرتين، ولا نعمتين، لا يوصفات إلا بأن يقال: بأنهما يدان ليستا كالأيدي خارجتان عن سائر الوجوه الثلاثة التي سلفت"٢ اهـ.

هذا كلام واضح غني عن التعليق إلا أن الذي ينبغي التنبيه عليه أن اليد في غير هذا السياق قد تأتي بمعنى (النعمة) وتجمع على أيادي يقال: لفلان عليَّ يد أو أيادٍ. ولكن السياق الذي في الآيتين: يأبى هذا المعنى كما ناقش الإمام أبو الحسن رحمه الله.

أما اليد بمعنى القدرة لا أعلم ثبوت هذا المعنى في اللغة، اللهم إلا إذا كان من باب الكناية، والله أعلم، وأما قوله تعالى: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} ٣، فليس لفظ (أيد) هنا جمع يد كما قد يتوهم، وإنما هو مصدر (آد الرجل يئيد أيداً) أي قوي، هكذا قال المفسرون٤.

هذا وقد وردت في صفة اليد عدة أحاديث صحاح وحسان ولكننا نرى أن نقتصر على ذكر حديث واحد اتفق على إخراجه الشيخان وهو حديث احتجاج آدم وموسى عليهم السلام، ومحل الشاهد منه: "فقال آدم: يا موسى! اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده" ٥.


١ هل يجوز عند أهل السنة أو عند الأشاعرة اعتقاد تعدد القدرة والإرادة وغيرهما من الصفات التي لم يرد النص بذلك، والذي نعتقده عدم اعتقاد التعدد إلا فيما ورد به النص.
٢ الإبانة في أصول الديانة للإمام السلفي أبي الحسن الأشعري رحمه الله ص: ٥٦.
٣ سورة الذاريات آية: ٤٧.

<<  <   >  >>