للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العور عن الله سبحانه وتعالى، وأنه لا يجوز عليه ما يجوز على المخلوقين من الآفات والنقائص. ثم قال البيهقي: "والذي يدل عليه ظاهر الكتاب والسنة من إثبات العين صفة، لا من حيث (الحدقة) أولى. وبالله التوفيق"١ ا. هـ

وهذا القول الذي اختاره الإمام البيهقي هو الذي عليه سلف الأمة، وأما محاولة بعض الناس حمل النصوص على خلاف ما يظهر من ألفاظها فمحاولة جهمية معروفة.

وأما تفسير من فسر الآيات السابقة بالرؤية مع إنكار صفة العين فشبيهٌ بقول الجهمية القائلين: إنه تعالى: سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، عليم بلا علم. وهو قول مرفوض شرعاً وعقلاً، كما تقدم في غير موضع.

وأما عند أهل السنة فجميع هذه الصفات تساق سوقاً واحداً خبرية أو عقلية. ذاتية أو فعلية فتثبت بلا كيف، ولا يلزم من إثباتها تشبيه ولا تجسيم كما يظن النفاة بل يلزم من تحريف القول فيها التعطيل. وينتج من ذلك تكذيب خبر الله وخبر رسوله عليه الصلاة والسلام. هذا ما يلزم النفاة - ولا محالة - وهم كل من ينفي صفة ثابتة بالكتاب والسنة، أو بالسنة الصحيحة فقط، أدركوا ذلك أو لم يدركوا. والله المستعان.

الصفة التاسعة عشرة: صفد القَدم لله تعالى

هذه الصفة كالتي قبلها من الصفات الخبرية والفعلية محل صراع حادّ بين السلف والخلف.

أما السلف - فهم كعادتهم- يرون أن المقام ليس مقام اجتهاد أو قياس أو استحسان، وإنما هو مقام تسليم لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام وأنه لا قول لأحد مع قول الله وقول رسوله المعصوم عليه الصلاة والسلام، الذي أمره ربه أن يبلغ ما أنزل إليه. فمما بلغه الرسول عن الله لأمته بعضُ


١ راجع الأسماء والصفات للبيهقي، مبحث العين ص: ٣١٢ دار إحياء التراث العربي.

<<  <   >  >>