للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في مسكنة وذل وعجز وهو يجأر إليه {لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} ،" اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".

ومن هنا يأتيه ذلك الإسعاف - وهو يكاد أن ييأس- " لله أشد فرحاً بتوبة عبده" الحديث، ومثول العبد في هذا الموقف يقضي -كما قلت- على داء خطير وهو داء العجب والغرور، وخير ما يشهد لما ذكرنا حديث أنس بن مالك عند القضاعي يرفعه: "لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك، العُجب العُجب" ١ اهـ.

وقال بعد أهل العلم: إنما كان العجب أشد، لأن المعاصي معترف بنقصه، فترجى له التوبة، والمُعْجَب مغرور بعمله فتوبته بعيدة.

وقد وردت في هذا المعنى عدة أحاديث من عدد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين منها: حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه الذي يقول عندما حضرته الوفاة: كنت كتمت عنكم شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لولا أنكم تذنبون، لخلق الله خلقاً يذنبون ويغفر لهم".

ومنها رواية لأبي أيوب نفسه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لو أنكم لم تكن لكم ذنوب يغفرها الله لكم، لجاء الله بقوم لهم ذنوب يغفرها لهم".

ومنها حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله، فيغفر لهم" ٢.


١ مسند القضاعي ص: ١٦٠ مخطوط تحت رقم ٧٧ مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وهو القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي القضاعي صاحب كتاب المختار في ذكر الخطط والآثار المعروف بالشهاب توفي عام ٤٥٤هـ (معجم المؤلفين ١٠/٤٢) .
٢ صحيح مسلم بشرح النووي ١٧/٦٤-٦٥ الطبعة الأولى المصرية بالأزهر.

<<  <   >  >>