للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومنها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون ويغفر لهم" ١.

عند القضاعي، رفعه العجلوني في كشف الخفاء.

وهذه الأحاديث يفهم منها مكانة (عبودية التوبة) والإنابة والرجوع إلى الله من وقت لآخر، وعدم الاعتماد على الأعمال لئلا يهلكه الغرور وربما أدى ذلك إلى نسيان ربه وولي نعمته سبحانه إذ يرى نفسه كل شيء.

ولمكانة هذه العبودية (عبودية التوبة) ولزوم الاستغفار، ولكونها محبوبة إلى الله تعالى، وفيها تكمن مصالح العباد لذلك كله يبتليهم ربهم بأسبابها "وقد جعل الله لكل شيء سبباً" حكمة منه وكأنه عليه الصلاة والسلام يقول: لو لم تتوافر فيكم أسباب عبودية التوبة لذهب الله بكم ولجاء بقوم آخرين تتوافر فيهم تلك الأسباب ليتقربوا إلى الله بالتوبة ولزوم الاستغفار، ولكن الله لطف بكم فجعلكم أنتم الذين تتمتعون بهذه العبودية، تذنبون ولا محالة، فإذا أذنبتم فلا ملجأ لكم إلا إلى الله تفرون منه إليه، وتستغفرونه وتجأرون إليه وحده فيتوب الله على من شاء منكم.

هذا ملخص معنى الحديث - والعلم عند الله - هكذا أراد الله لعباده التوابين أن يعيشوا في آثار أسمائه الحسنى وصفاته العلى، تفضلاً منه وإحساناً وهو الغفور الشكور.

قال الإمام ابن القيم: ومن تأمل سريان آثار الأسماء والصفات في العالم تبين له أن مصدر قضاء هذه الجنايات من العبيد وتقديرها هو من كمال الأسماء والصفات، والأفعال، إلى أن قال: فله في كل ما قضاه وقدره الحكمة البالغة والآيات الباهرة. ثم واصل كلامه وهو يقول: إن كل اسم له تعبدٌ يختصّ به علماً ومعرفة وحالاً.


١ حسنه القضاعي وتقدم.

<<  <   >  >>