للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ضعفت هذه (الطاقة) ويصبح قلقاً (خبيث النفس) ولا يهدأ له بال حتى يستجير بالله وحده لينقذه فيجيره ربه، وهو اللطيف بعباده -فتعود له تلك المعاني والعبودية التي فقدها. فهذه نفسها عبودية أخرى، وهي عبودية (الجهاد للنفس) فهو دائماً في هذا الصراع وفي هذا الجهاد من وقت لآخر، وربك عليم حليم لا يقع شيء مما ذكرنا وما لم نذكره إلا بعلمه وتقديره، وحكمة منه سبحانه.

فآثار إيمان العبد بأسماء الله وصفاته، وفي مقدمة ذلك آثار إيمانه بمحبته وقربه، وآثار محبة العبد لربه ومولاه محبة صادقة فلا بد أن تترجم كلها إلى حسن عبادته والحرص على طاعته واتباع هدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والتفاني في الخدمة طالباً رضاه سبحانه.

وبعد فهذا المقام مقام يصعب على المرء العادي أن يخوض فيه، وهو فوق طاقته، فلندع الميدان لفرسانه، فلنمسك القلم عن الخوض فيما هو عاجز عنه.

إذا لم تستطع شيئاً فدعه ... فجاوزه إلى ما تستطيع

فنعود لابن القيم حيث يقول: وهو سبحانه يحب موجب أسمائه وصفاته فهو (عليم) يحب العلم ويحب كل عليم، جواد يحب كل جواد، وتر يحب الوتر، جميل يحب الجمال، عفو يحب العفو وأهله، ثم قال: فلمحبته للتوبة والمغفرة والعفو والصفح خلق من يغفر له، ويتوب عليه، ويعفو عنه، وقدر عليه ما يقتضي وقوع المكروه، والمبغوض له، ليترتب عليه المحبوب له، والمَرضيّ عنه.

ثم ذكر أن الأسباب مع مسبباتها أربعة أنواع:

النوع الأول: سبب محبوب يفضي إلى أمر محبوب لله.

<<  <   >  >>