ذلك ولا يجد منه بدّاً، وأن يكون في ذلك ردُّ فرع إلى أصل أو تشبيه غير جائز بجائز.
وقد نُسب هذا الاتجاه في فهم الضرورة إلى ابن مالك أيضاً وشُهر به حتى إن كثيراً ممَّن خالف هذا المنهج وجَّه نقده إلى ابن مالك وحده ولم يتعرض لسيبويه.
ولم يجد هذا الرأي قبولاً لدى كثير من العلماء، على الرغم من شهرة، ومكانة من قال به؛ حيث لقي نقداً شديداً من المتأخرين كالشاطبي، وأبي حيان، وابن هشام، والأزهري، والبغدادي.
وأمَّا عند أبي الفتح عثمان بن جني، وكثير من النحويين فالضرورة ما وقع في الشعر مطلقاً سواء كان للشاعر عنه مندوحة أو لا؛ إذ لا يشترط في الضرورة أن يضطر الشاعر إلى ذلك في شعره؛ لأن الشعر موضعٌ قد ألفت فيه الضرائر.
ويتعدى أبو الحسن الأخفش ذلك فيقول: إن الشاعر يجوز له في كلامه وشعره ما لا يجوز لغيره في كلامه؛ لأن لسانه قد اعتاد الضرائر.
وأما أحمد بن فارس فيختلف موقفه عن موقف النحويين؛ إذ لا يكاد يقرّ بما يسميه النحاة ضرورة، حيث يتعيّن على الشاعر أن يقول بما له وجه في العربية - ولا ضرورة فيه حينئذٍ - فإن لم يك ثمَّت وجه فيها رُدَّ وسُمِّي باسمه الحقيقي وهو الغلط أو الخطأ، ولا داعي للتكلف واصطناع الحيل للتخريج، ويرى أنه لا فرق بين الشاعر، والخطيب، والكاتب، فالشعراء يخطئون كما يخطئ سائر الناس، ويغلطون كما يغلطون.
رابعاً: إن أقوى هذه الآراء أن الضرورة ما وقع في الشعر سواء كان للشاعر عنه مندوحة أولا؛ لأن الشعر كلام موزون بأفاعيل محصورة يستلزم