للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ألف ابن فارس مصنفاً لهذا الغرض سمَّاه "ذمُّ الخطأ في الشعر" ولخَّص فيه موقفه من الضرورة الشعرية. ومن جملة ما قاله:

"إنَّ ناساً من قدماء الشعراء ومن بعدهم أصابوا في أكثر ما نظموه من شعرهم وأخطأوا في اليسير من ذلك، فجعل ناس من أهل العربية يوجهون لخطأ الشعراء وجوهاً، ويتمحلون لذلك تأويلات حتى صنعوا فيما ذكرنا أبواباً، وصنفوا في ضرورات الشعر كتباً"١.

ويرى أنه لا فرق بين الشاعر، والخطيب، والكاتب، فالشعراء يخطئون كما يخطىء سائر الناس، ويغلطون كما يغلطون، ولا يعدو أن يكون ما ذكره النحويون في إجازة ذلك والاحتجاج له ضرباً من التكلف٢.

ويعرّض ابن فارس بما استشهد به سيبويه٣ من قول الشاعر٤:

فلست بآتيه ولا استطيعه ... ولاكِ اسقني إن كان ماؤك ذا فضلِ٥

فيتساءل: لم لا يجوز لواحد منا - إذن - أن يقول للآخر: لست أقصدك ولاك اقصدني أنت٦؟


١ ذم الخطأ في الشعر ١٧، ١٨.
٢ انظر: المصدر السابق ٢٣.
٣ انظر: الكتاب ١/٩.
٤ هو النجاشي الحارثي قيس بن عمرو بن مالك من بني الحارث بن كعب. يكنى أبا الحرث وأبا محاسن. كان فاسقاً رقيق الإسلام. (الشعر والشعراء ١/٣٢٩ - ٣٣٣، الإصابة ٣/٥٥١، ٥٥٢) .
٥ البيت من "الطويل" من كلمة قالها الشاعر في وصف ذئب حين استضافه للطعام والشراب فقبل الذئب الشراب إن كان فاضلاً عن الحاجة، واعتذر عن عدم قبوله الطعام.
انظر: المعاني الكبير ١/٢٠٧، سر الصناعة ٢/٤٤٠، المنصف ٢/٢٢٩، الأزهية ٢٩٦، أمالي المرتضى ٢/٢١١، الإنصاف ٢/٦٨٤، المغني ٣٨٤، الخزانة ٥/٢٦٥، ١٠/٤١٨، ٤١٩.
٦ انظر: ذم الخطأ في الشعر ٢١.

<<  <   >  >>