للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالعائد المجرور يجوز حذفه عند الجمهور بشروط ثلاثة:

الأول: أن ينجرّ الموصول بمثل الحرف الجار للعائد لفظاً، فإذا اختلفا لفظاً لم يجز الحذف نحو: حللت في الذي حللت به.

الثاني: أن يتفق الحرفان معنى، فإذا اختلفا لم يجز الحذف نحو: مررت بالذي مررت به، مريداً بإحدى البائين السببية، والأخرى الإلصاق.

الثالث: أن يتفقا متعلقاً، فلو اختلف المتعلق لم يجز الحذف نحو: سررت بالذي مررت به١.

قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية: "وإن جُرَّ العائد بحرف وجُرَّ الموصول بمثله لفظاً ومعنىً جاز حذف العائد نحو: مررتُ بالذي مررت. ومنه قوله تعالى: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تّشْرَبُونَ} ٢ أي: مما تشربون منه ... وكذلك يجوز حذف العائد المجرور بحرفٍ جُرَّ بمثله موصوف بالموصول أو عائد عليه بعد الصلة٣.

فإذا خلا العائد المجرور مما شُرط لم يجز حذفه عند الجمهور إلا ضرورة أو شذوذاً.

كقول الشاعر٤:

وإنَّ لساني شُهدةٌ يُشتفى بها ... وهُوَّ على من صبَّه الله علقمُ٥


١ انظر: توضيح المقاصد ١/٢٥٤، ٢٥٥. وانظر: الارتشاف ١/ ٥٣٦.
٢ من الآية ٣٣ من سورة المؤمنون.
٣ شرح الكافية الشافية ١/٢٩٢، ٢٩٣.
٤ شاعر من همذان لم أجد من سمَّاه.
٥ البيت من " الطويل "
الشَّهدة: - بضم الشين -: العسل بشمعه.
يقول: إن لساني مثل العسل يشتفي به الناس ولكنه مثل العلقم على من سلطه الله عليه.
والعلقم: في الأصل الحنظل وهو نبات مُرٌّ كريه الطعم وليس هو المراد هاهنا، بل المراد: شديد أو صعب ليتسنى تعلق الجار والمجرور به من قبل أنهما لا يتعلقان إلا بالمشتق أو ما في معناه.
وفي البيت شاهد آخر هو تشديد الواو في " هُوَّ "، وهذه لغة همذان إحدى قبائل اليمن، حيث تشدد الواو في "هو" والياء في "هي".
والبيت في شرح المفصل ٣/٩٦، شرح التسهيل ١/٢٠٧، الجنى الداني ٤٧٤، المغني ٥٦٧، تخليص الشواهد ١٦٥، المقاصد النحوية ١/٤٥١، التصريح ١/١٤٨، شرح الأشموني ١/١٧٤.

<<  <   >  >>