للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما ألحقوا الكلام المسجوع في ذلك بالشعر لكون السجع يجري في ذلك مجرى الشعر، بدليل قولهم: "شهر ثرى، وشهر ترى، وشهر مرعى"١ فحذفوا التنوين من "ثرى"، ومن "مرعى" إتباعاً لقولهم: "ترى"؛ لأنه فعل فلم ينوّن لذلك٢.

وقالوا: "الضِّيح والريح" فأبدلوا الحاءَ ياءً إتباعاً للريح، والأصل: الضِّحّ٣.

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ارجعن مأزورات غير

مأجورات"٤؛ بإبدال الواو ألفاً إتباعاً لمأجورات، والأصل: "موزورات"؛ لأنه من الوزر.

وقد جاء مثل ذلك أيضاً في فواصل القرآن لتتفق. قال عز وجل: {فَأَضَلُّونا السَّبِيلا} ٥، وقال سبحانه: {وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا} ٦. فإن زيادة الألف في "السبيلا" و "الظنونا" بمنزلة زيادتها في الشعر على جهة الإطلاق٧.


١ أي شهور الربيع، أي يمطر أولاً ثم يظهر النبات فتراه، ثم يطول فترعاه الأنعام.
انظر: مجمع الأمثال ١/٣٧٠.
٢ انظر: ضرائر الشعر لابن عصفور ١٣، ١٤، والارتشاف ٣/٢٦٨.
٣ الضّحّ: ما برز للشمس، والريح: ما أصابته الريح، من قولهم: جاء فلان بالضِّحِّ والريح، أي جاء بما طلعت عليه الشمس وجرت عليه الريح. انظر: مجمع الأمثال ١/١٦١.
٤ أخرجه ابن ماجة في كتاب الجنائز (٥٠) ، باب ما جاء في اتباع النساء الجنائز رقم ١٥٧٨.
٥ من الآية ٦٧، من سورة الأحزاب.
٦ من الآية ١٠، من سورة الأحزاب.
٧ انظر: ضرائر الشعر لابن عصفور ١٤، الارتشاف ٣/٢٦٩.

<<  <   >  >>