وإن آثرت الهوينا واتكلت على الكفاة في الأمر الذي لا يجوز فيه إلا نظرك، وزجَّيت أمورك على رأي مدخول، وأصلٍ غير محكم، رجع ذلك عليك بما لو حكم فيك عدوك كان ذلك غاية أمنيته، وشفاء غيظه.
واعلم أن إجراءك الأمور مجاريها، واستعمالك الأشياء على وجودها، يجمع لك ألفة القلوب، فيعاملك كل من عاملك بمودةٍ، أو أخذ أو إعطاءٍ، وهو على ثقةٍ من بصرك بمواضع الإنصاف، وعلمك بموارد الأمور.
واعلم أن أثرتك على غير النصيحة والشفقة، والحرمة والكفاية، يوجب لك المباعدة وقلة الثقة ممن آثرته أو آثرت عليه.
فاعرف لأهل البلاء - ممن جرت بينك وبينه مودةٌ أو حرمة، ممن فوقك أو دونك أو نظرائك - أقدارهم ومنازلهم. ثم لتكن أمورك معهم على قدر البلاء والاستحقاق، ولا تؤثر في ذلك أحداً لهوى؛ فإن الأثرة على الهوى توجب السُّخطة، وتوجب استصغار عظيم النعمة، ويمحق بها الإفضال، وتفسد عليها الطائفتان: من آثرت ومن آثرت عليه.
أما من آثرت فإنه يعلم أنك لم تؤثره باستحقاقٍ بل لهوى، فهو