مترقِّبٌ أن ينتقل هواك إلى غيره، فتحول أثرتك حيث مال هواك. فهو مدخول القلب في مودتك، غير آمنٍ لتغيرك.
وأما من آثرت عليه بعد الاستحقاق منه، فقد جعلت له السبيل إلى الطعن عليك، وأعطيته الحجة على نفسك. فكل من يعمل على غير ثقةٍ عاد ما أراد به النفع ضرراً، والإصلاح فيه فساداً.
وربما آثر الرجل المرء من إخوانه بالعطية السنية على بلاء أبلاه، فيعظم قدرها عنده حتى لعله تطيب نفسه ببذل ماله ودمه دونه. فإن أعطى من أبلى كبلائه وكانت له مثل دالته، أكثر مما أعطاه، انتقل كل محمودٍ من ذلك مذموماً، وكل مستحسنٍ مستقبحاً. وكذلك الأمر في العقوبة، يجريان مجرى واحداً.
فاجعل العدل والنَّصفة في الثواب والعقاب حاكماً بينك وبين إخوانك، فمن قدمت منهم فقدمه على الاستحقاق، وبصحة النية في مودته، وخلوص نصيحته لك مما قد بلوت من أخلاقه وشيمه، وعلمت بتجربتك له، أنه يعلم أن صلاحه موصولٌ بصلاحك، وعطبه كائن مع عطبك، ففوض