من لا يشاكله لمكان إحسانه، ولا يجوز للكلاب أن يسمي كلبه خليلاً أو ولداً لمكان حسن تربيته له، وتأديبه إياه، ولمكان حسن الكلب وكسبه عليه، وقيامه مقام الولد الكاسب والأخ، والبار.
والعبد الصالح لا يشبه الله في وجه من الوجوه، والكلب قد يشبه كلابه لوجوه كثيرة، بل ما أشبهه به مما خالفه فيه، وإن كانت العلة التي منعت من تسمية الكلب خليلاً وولداً بعد شبهه من الإنسان.
فلو قلتم: فما الجواب الذي أجبت فيه، والوجه الذي ارتضيته؟ قلنا: إن إبراهيم صلوات الله عليه، وإن كان خليلاً، فلم يكن خليله بخلة كانت بينه وبين الله تعالى، لأن الخلة والإخاء والصداقة والتصافي والخلطة وأشباه ذلك منفية عن الله تعالى عز ذكره، فيما بينه وبين عباده، على أن الإخاء والصداقة داخلتان في الخلة، والخلة أعم الاسمين، وأخص الحالين. ويجوز أن يكون إبراهيم خليلاً بالخلة التي أدخلها الله على نفسه وماله، وبين أن يكون خليلاً بالخلة وأن يكون خليلاً بخلة بينه وبين ربه فرق ظاهر، وبون واضح. وذلك أن إبراهيم عليه السلام اختل في الله تعالى اختلالاً لم يختلله أحد قبله. لقذفهم إياه في النار، وذبحه ابنه، وحمله على ماله في الضيافة والمواساة والأثرة، وبعداوة قومه، والبراءة من أبويه في حياتهما، وبعد موتهما، وترك وطنه، والهجرة إلى غير داره ومسقط رأسه. فصار لهذه الشدائد مختلاً في الله، وخليلاً في الله. والخليل والمختل سواء في كلام