العرب. والدليل على أن يكون الخليل من الخلة كما يكون من الخلة قول زهير بن أبي سلمى، وهو يمدح هرماً:
وإن أتاه خليل يوم مسبغة ... يقول لا عاجز مالي ولا حرم
وقال آخر:
وإني إلى أن تسعفاني بحاجة ... إلى آل ليلى مرة لخليل
وهو لا يمدحه بأن خليله وصديقه يكون فقيراً سائلاً، يأتي يوم المسألة ويبسط يده للصدقة والعطية، وإنما الخليل في هذا الموضع من الخلة والاختلال، لا من الخلة والخلال.
وكأن إبراهيم عليه السلام حين صار في الله مختلاً أضافه الله إلى نفسه، وأبانه بذلك عن سائر أوليائه، فسماه خليل الله من بين الأنبياء، كما سمى الكعبة: بيت الله من بين جميع البيوت، وأهل مكة: أهل الله من بين جميع البلدان. وسمى ناقة صالح عليه السلام: ناقة الله من بين جميع النوق. وهكذا كل شيء عظمه الله تعالى، من خير وشر، وثواب وعقاب. كما قالوا: دعه في لعنة الله، وفي نار الله وفي حرقه. وكما قال للقرآن: كتاب الله، وللمحرم: شهر الله. وعلى هذا المثال قيل لحمزة رحمة الله ورضوانه عز ذكره عليه: أسد الله، ولخالد رحمة الله عليه: سيف الله تعالى.
وفي قياسنا هذا لا يجوز: أن الله خليل إبراهيم، كما يقال: إن إبراهيم خليل الله.