وكان الله تعالى يكلم آدم كما كان يكلم ملائكته، ثم علمه الأسماء كلها؛ ولم يكن ليعلمه الأسماء كلها إلا بالمعاني كلها، فإذا كان ذلك كذلك فقد علمه جميع مصالحه ومصالح ولده، وتلك نهاية طباع الآدميين، ومبلغ قوى المخلوقين.
فصل منه
فأما قولهم إنا نقول على الناس ما لا يعرفونه، ولا يجوز أن يدينوا به، وهو قولنا إن اليهود قالت: إن الله تعالى فقير ونحن أغنياء. وأنها قالت: إن يد الله مغلولة، وإنها قالت: إن عزيراً ابن الله، وهم مع اختلافهم وكثرة عددهم، ينكرون ذلك ويأبونه أشد الإباء.
قلنا لهم: إن اليهود لعنهم الله تعالى كانت تطعن على القرآن، وتلتمس نقضه، وتطلب عيبه، وتخطىء فيه صاحبه، وتأتيه من كل وجه، وترصده بكل حيلة، ليلتبس على الضعفاء، وتستميل قلوب الأغبياء.
فلما سمعت قول الله تعالى لعباده الذين أعطاهم، قرضاً، وسألهم قرضاً على التضعيف، فقال عز من قائل:" من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له ". قالت اليهود على وجه الطعن والعيب والتخطئة والتعنت: تزعم أن الله يستقرض منا، وما استقرض منا