دين، وصلاح كل دنيا. وأضدادهن سبب كل فرقة، وأصل كل فساد.
واحذر خصلة رأيت الناس قد استهانوا بها، وضيعوا النظر فيها، مع اشتمالها على الفساد، وقدحها البغضاء في القلوب، والعداوة بين الأوداء: المفاخرة بالأنساب؛ فإنه لم يغلط فيها عاقلٌ قط، مع اجتماع الإنس جميعاً على الصورة وإقرارهم جميعاً بتفرق الأمور المحمودة والمذمومة من الجمال والدمامة، واللؤم والكرم، والجبن والشجاعة، في كل حين، وانتقالهما من أمةٍ إلى أمة، ووجود كل محمود ومذموم في أهل كل جنسٍ من الآدميين. وهذا غير مدفوع عند الجميع.
فلا تجعلن له من عقلك نصيباً، ولا من لسانك حظاً، تسلم بذلك على الناس أجمعين، مع السلامة في الدين.
واعلم أنك موسومٌ بسيما من قارنت، ومنسوبٌ إليك أفاعيل من صاحبت. فتحرز من دخلاء السوء، ومجالسة أهل الريب، وقد جرت لك في ذلك الأمثال، وسطرت لك فيه الأقاويل، فقالوا:" المرء حيث يجعل نفسه "، وقالوا:" يظن المرء ما ظن بقرينه "، وقالوا:" بالمرء بشكله، والمرء بأليفه ".
ولن تقدر على التحرز من جماعة الناس، ولكن أقل المؤانسة