إلا بأهل البراءة من كل دنس. واعلم أن المرء بقدر ما يسبق إليه يعرف، وبالمستفيض من أفعاله يوصف، وإن كان بين ذلك كثيرٌ من أفعاله ألغاه الناس وحكموا عليه بالغالب من أمره.
فاجهد أن يكون أغلب الأشياء على أفاعيلك كل ما تحمده العوام ولا تذمه الجماعات، فإن ذلك يعفى على كل خلل إن كان.
فبادر ألسنة الناس فاشغلها بمحاسنك، فإنهم إلى كل سيءٍ سراع، واستظهر على من دونك بالتفضل، وعلى نظرائك بالإنصاف، وعلى من فوقك بالإجلال. تأخذ بوثائق الأمور، وأزمة التدبير.
واعلم أن كثرة العتاب سببٌ للقطيعة، واطراحه كله دليلٌ على قلة الاكتراث لأمر الصديق. فكن فيه بين أمرين: عاتبه فيما تشتركان في نفعه وضره وذلك في الهينات، وتجاف له عن بعض غفلاته تسلم لك ناحيته. وبحسب ذلك فكن في زيارته، فإن الإلحاح في الزيارة يذهب بالبهاء، وربما أورث الملالة؛ وطول الهجران يعقب الجفوة، ويحلُّ عقدة