وإن ذلك أدعى إلى صلاح ذات البين، وأمن البيضة، وحفظ الأطراف.
وإذا كان الله تبارك وتعالى، قد كلف الناس النظر لأنفسهم، واستيفاء النعمة عليهم، وترك الخطار بالهلكة والتغرير بالأمة، وليس عليهم مما يمكنهم أكثر من الحيطة والتباعد من التغرير. ولا حال أدعى إلى ذلك أكثر مما وصفنا، لأنه أشبه الوجوه بتمام المصلحة، والتمتع بالأمن والنعمة.
فصل منه
فلما كان ذلك كذلك علمنا أنه إذا كان القائم بأمور المسلمين بائن الأمر، متفرداً بالغاية من الفضل، كانت دواعي الناس إلى مسابقته ومجاراته أقل.
ولم يكن الله ليطبع الدنيا وأهلها على هذه الطبيعة، ويركبها وأهلها هذا التركيب، حتى تكون إقامة الواحد من الناس أصلح لهم، إلا وذلك الواحد موجود عند إرادتهم له، وقصدهم إليه؛ لأن الله لا يلزم الناس في ظاهر الرأي والحيطة إقامة المعدوم، وتشييد المجهول؛ لأن على الناس التسليم، وعلى الله تعالى قصد السبيل.