بعضه ببعض، كدرك الحواس وما لاقته، فهم عن التعديل والتجوير وتفصيل التأويل، والكلام في مجيء الأخبار وأصول الأديان، أعجز، وأجدر ألا يبلغوا منه الغاية، ولا يدركوا منه الحاجة؛ لأن علم الدنيا أمران: إما شيء يلي الحواس، وإما شيء يلي علم الحواس، وليس كذلك الدين.
فلما كان ذلك كذلك علمنا أنه لا بد للناس من إمام يعرفهم جميع مصالحهم.
ووجدنا الأئمة ثلاثة: رسول، ونبي، وإمام.
فالرسول نبي إمام، والنبي نبي إمام، والإمام ليس برسول ولا نبي.
وإنما اختلفت أسماؤهم ومراتبهم لاختلاف النواميس والطبائع، وعلى قدر ارتفاع بعضهم عن درجة بعض، في العزم والتركيب، وتغير الزمان بتغير الفرض وتبدل الشريعة.
فأفضل الناس الرسول، ثم النبي، ثم الإمام.
فالرسول هو الذي يشرع الشريعة ويبتدىء الملة، ويقيم الناس على جمل مراشدهم، إذ كانت طبائعهم لا تحتمل في ابتداء الأمر