أكثر من الجمل. ولولا أن في طاقة الناس قبول التلقين وفهم الإرشاد، لكانوا هملاً، ولتركوا نشراً جشراً، ولسقط عنهم الأمر والنهي. ولكنهم قد يفضلون بين الأمور إذا أوردت عليهم، وكفوا مئونة التجربة، وعلاج الاستنباط. ولن يبلغوا بذلك القدر قدر المستغني بنفسه، المستبد برأيه، المكتفي بفطنته عن إرشاد الرسل، وتلقين الأئمة.
وإنما جاز أن يكون الرسول مرة عربياً ومرة عجمياً، وليس له بيت يخطره ولا شرف يشهر موضعه؛ لأنه حين كان مبتدىء الملة ومخرج الشريعة، كان ذلك أشهر من شرف الحسب المذكور، وأنبه من البيت المقدم. ولأنه يحتاج من الأعلام والآيات والأعاجيب، إلى القاهر المعقول والواضح الذي لا يخيل أن يشتهر مثله في الآفاق، ويستفيض في الأطراف حتى يصدع عقل الغبي، ويفتق طبع العاقل، وينقض عزم المعاند، وينتبه من أطال الرقدة وتخضع الرقاب وتضرع الخدود حتى يتواضع له كل شرف، ويبخع