قال الله عز وجل:" وتحبون المال حباً جماً ". وقال:" وإنه لحب الخير لشديد ". وقال الشاعر:
والناس إن شبعت بطونهم ... فعيونهم في ذاك لا تشبع
فأما الحديث الذي جاء:" لا يشبع أربعٌ من أربعة: أرضٌ من مطر، وعين من نظر، وأنثى من ذكر، وعالمٌ من علم ". فإن العين لا تشبع في الجملة كما لا يشبع الخيشوم من الاستنشاق. فأما من صنفٍ مما يراه دون صنفٍ، فإنه يشبع ويروى، ويصدف إلى غيره.
وأما العلم فإنه أوسع من أن يحاط به، فمن طلبه لشرفه وفخره فإنه لا حد له ولا نهاية، ولم يزدد له طلناٍ إلا ازداد فيه رغبة. ومن طلب منه مقدار كفايته وحاجته كفاه منه اليسير. على أنه لا يملك من كثر علمه أن يرى فيه الغنى والكبرياء أيضاً. وقد يمل كما يمل كل شيء. وتمل العين أيضاً منه ومن المال.
وقيل: اثنان منهومان: طالب علم وطالب دنيا. وهذه القضية تدل على الخروج عن العقل؛ لأن النهم تجاوز القدر.