ولهذا الكلام نظرُ نكره التطويل به، والمعنى واحدُ، وإنما نحتاج من هذا ومثله - مما قدمنا ذكره في الكتاب - إلى حفظ السرّ ووزن القول. وإلى هذا أجرينا، وله قصدنا.
ولو اقتصرنا في هذا الكتاب على حرفٍ مما فيه، لكان بإذن الله كافياً لمن له لُبٌ وعقل، لكن الاحتجاج أوكد، والإيضاح أبلغ، والحظَّ في هذا القول كله لمن عقله والآخذ به، أوفر منه لمن قاله ولم يعمل بقوله؛ لأنه إنما يجتنى ثمرة الصواب، ويختلف برفقه من صدَّق قوله بفعله؛ فإن الحكمة قول وعمل، وإنما حظُّ القائل ما لم يستعمل علمه وقوله حظُّ الواصفين؛ وحسن الصِّفة يزول بزوالها، وينقطع بانقطاعها؛ ومدتها - إلى أن يملها القائل والسامع - يسيرة.
والأفعال المحمودة متصلة النفع والشرف والفضيلة في الحياة وبعد الوفاة، ومذخورٌ للأعقاب، وحديثٌ جميلٌ، ونشرٌ باقٍ على مرِّ الجديدين. وأكثر من ذلك كله توفيق الله وتسديده؛ فإن القلوب في يده، والخيرات مقسوماتٌ من عنده. وحسبنا الله ونعم الوكيل.