للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن العدل المحض والإنصاف الصحيح أن تحطَّ عن الحسود نصف عقابه، وأن تقتصر على بعض مقداره، لأن ألم حسده لك قد كفاك مؤونة شطر غيظك عليه.

وأما المواد فلا تعرض له البتة، ولا تلتفت لفته، ولو أتى على الحرث والنسل، وحتى على الروح والقلب. ولا تغتر بقوله إنيّ وادٌّ، ولا تحكم له بدعواه بأني جدّ وامق. وانظر أنت في حديثه وإلى مخارج لفظه، وإلى لحن قوله، وإلى طريقته وطبيعته، وإلى خلقه وخليقته، وإلى تصرُّفه وتصميمه وإلى توقُّفه وتهوُّره. وتأمل مقدار جزعه من قلة اكتراثه، وانظر إلى غضبه فيك ولك، وإلى انصرافه عمن انصرف عنك وميله إلى من مال إليك، وإلى تسلمه من الشر وتعُّضه له، وإلى مداهنته وكشف قناعه. بل لا تقضِ له بجماع ذلك ما كان ذلك في أيام دولتك ومع إقبالٍ من أمرك، وإن طالت الأيام وكثرت الشهور، حتى تنتظم احالات، وتستوي فيه الأزمان.

نعم، ثم لا تحكم له بذلك حتى تكون حاله مقصورة على محَّبتك، ومحنوة على نصيحتك، بالعلل التي توجب الأفعال. والأسباب التي تسخر القلوب للمودات، كالعلل الثابتة في الصنيعة، والأسباب الموجودة مع مولى

<<  <  ج: ص:  >  >>