للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتوثق منه قبل حركته، ويتقدم في حسم أسبابه وفي قطع علله. فإمَّا إذا تمكن واستفحل، وأذكى ناره واشعل، ثم لاقى ذلك من صاحبه قدرة، ومن أعوانه سمعاً وطاعة، فلو سعطته بالتوراة، ووجرته بالإنجيل، ولددته بالزبور، وأفرغت على رأسه القرآن إفراغا، وأتيته بآدم عليه السلام شفيعاً لما قصَّر دون أقصى قوَّته، ولتمنى أن يعار أضعاف قدرته.

وقد جاء في الأثر: أن أقرب ما يكون العبد من غضب الله إذا غضب.

قال قتادة: ليس يُسكن الغضب إلا ذكر غضب الرحمن عز وجلّ.

وقال عمرو بن عبيد: ذكر غضب الرب يمنع من الغضب. إلا أن يريد الذكر باللسان.

ويسمىالمتوجِّد غضبان، والذكور حقودا.

فلا تقف - حفظك الله - بعد مضيِّك في عقابي التماساً للعفو عني، ولا تقصِّر عن إفراطك من طريق الرحمة لي؛ ولكن قف وقفة من يتَّهم الغضب على عقله، والشيطان على دينه، ويعلم أن للعقل خصوماً، وللكرم أعداء.

وإنَّ من النِّصف أن تنتصف لعقللك من خصومه، وتنتصف لكرنك من عدوه، وتمسك إمساك من لا يبرئ نفسه من الهوى، ولا يبرئ الهوى من الخطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>