للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وأذكى يقيناً، وأبعد غوراً وأجمع أمراً، وأعم خواطر وأكثر غرائب، وأبدع طريقاً، وأدوم نفعاً في الحروب، وأضرى وأدرب دربةً، وأغمض مكيدةً، وأشد احتراساً وألطف احتيالاً؛ حتى يكون الخيار في يد الناظر المتصفح لمعانيه، والمقلّب لوجوهه، والمفكّر في أبوابه، والمقابل بين أوله وآخره، فلا نكون نحن انتحلنا شيئاً دون شيء، وتقلدنا تفضيل بعضٍ على بعض، بل لعلّنا أن لا نخبر عن خاصة ما عندنا بحرف واحد.

فإذا دبرنا كتابنا هذا التدبير، وكان موضوعه على هذه الصفة، كان أبعد له من مذاهب الجدال والمراء، واستعمال الهوى.

وقد ظنّ ناسٌ أنّ أسماء أصناف الأجناس كما اختلفت في الصورة والخط والهجاء، أن حقائقها ومعانيها على حسب ذلك. وليس الأمر على حسب ما توهمه؛ ألا ترى أنّ اسم الشاكرية وإن خالف في الصورة والهجاء اسم الجند، فإن المعنى فيهما ليس ببعيدٍ؛ لأنهم يرجعون إلى معنىً واحد وعمل واحد. والذي إليه يرجعون طاعة الخلفاء، وتأييد السلطان.

وإذا كان المولى منقولاً إلى العرب في أكثر المعاني، ومجعولاً منهم في عامة

<<  <  ج: ص:  >  >>