في سُوقه، فيتلف ما في يديه، فيخلَّى له القصَّابون سُوقهم يوماً، ويجعلون له أرباحهم، فيكون بربحها منفرداً، وبالبيع مُفردا، فيسدُّون بذلك خلَّته، ويجبرون منه كسره. وإنكم لتناكرون عند الاجتماع والتعارف، تناكر الضباب والسَّلاحف، ثم مع استحواذكم على صناعتكم، وقلة ملابسة أهل الصناعات لها معكم، لم أر صناعة من الصناعات إلاّ وقد يجمع أهلها غيرها إليها فيعانونها جميعاً، وينزلون لضربٍ من التجارات معاً، إلاّ صناعتكم هذه؛ فإنَّ المتعاطى لها منكم، والمتسمِّي بها من نظرائكم، لا يليق به ملابسةُ سواها، ولا ينساغ له التَّشاغل بغيرها. ثم كأنكم أولاد علاَّتٍ، وضرائر أُمهات، في عداوة بعضكم بعضا، وحنق بعضكم على بعض. أُفٍّ لكم ولأخلاقكم!.
إنَّ للكتّاب طبائع لئيمة، ولولا ذلك لم يكن سائر أهل التجارات والمكاسب بنظرائهم بررةً، ومن ورائهم لهم حفظة، وأنتم لأشكالكم مُذلُّون، ولأهل صنائعكم قالون. قبح الله الذي يقول قضينا في الأمور بالأغلب.
وعرفنا علل الناس في مكاسبهم وتعامُلهم، فمن كانت علَّتُه أكرم كان كرم فعاله أعمَّ.
ولست أعلم علَّةً في مكتسبٍ أنبل عند الخاصَّة من مكسبكم.