واستضعف ولاة الدواوين الحسن بن أبى المشرف عند قول الفضل مروان له وهو على الوزارة:" يا حسن، احتجنا إلى رجلٍ جزلٍ في رأيه، متوفّر لأمانته، متصرِّف في الأمور بتجربته، مستقدرٍ على الأعمال بعلمه، تصف لنا مكانه، وتشير علينا به، فنقلِّده جسيماً من عملنا ". فأجابه سريعاً قال: وجدته لك - أصلحك الله - كذلك. قال: من هو؟ قال: أنا. وألح في قوله، فتبسم الفضل وقال: هذا من غيرك فيك أحسن منك بلسانك لك، نعود وننظر إن شاء الله! وحسبك بقومٍ أنبلهم أخسُّهم في الرِّزق مرتبة، وأعظمهم غناءً أقلُّهم عند السُّلطان عقلاً. يُرزق صاحب ديوان الرسائل - وبلسانه يخاطب الخلق - العشر من رزق صاحب الخراج. ويرزق المحرِّر - وبخطِّه يكون جمال كتب الخليفة - الجُزء من رزق صاحب النَّسخ في ديوان الخراج. لا يحضر كاتب الرسائل لنائبةٍ، ولا يُفزع إليه في حادثة. فإذا أبرم الوزراء التدبير، ووقفوا منها على التقدير، طرحت إليه رقعةٌ بمعانى الأمر لينسِّق فيه القول، فإذا فرغ من نظامه واستوى له كلامه، أحضر له محرِّره فجلس في أقرب المواطن من الخليفة، وأمنع المنازل من المختلفة، فإذا تقضَّى ذلك فهُما والعوّام سواء.