هذا وليست صناعتهما بفاشيةٍ في الكتَّاب، ولا بموجودة في العوامّ؛ فأغزرهم علماً أمهنهم، وأقربهم من الخليفة أهونهم. فكيف بكاتب الخراج الذي علمه ليس بمحظور، وإشراك الناس فيه ليس بممنوع، يصلح لموضعه كلُّ من عمل وعُمل عليه، أحمد أحواله عند نفسه التعقُّد على الخصوم، وأسعد أموره التي يرجو بها البلوغ الشَّره ومنع الحقوق. وأحذق ما يكون بصناعته عند نفسه حين يأخذ بإبطال السُّنن، ويعمل بفلتات الدفوع.
ولذلك ما ذكر أنَّ بعض رجال الشَّعبيِّ قال له: يا أبا عمرو، الكتَّاب شرار خلق الله! فقال: لا تفعل.
ولكنَّ الشعبيَّ كان لسلطانه مُدارياً.
ومن كتاب الجند: محمود بن عبد الكريم، كان حُميد بن عبد الحميد عند دخول المأمون مدينة السلام وبعد سكون الهيْج وخمود النَّائرة، رفع إلى المأمون يذكر أن في الجند دغلا كثيراً ممن دخل فيهم بسبب تلك الحروب في أيام الأجناد وهم قومٌ من غير أهل خراسان ممَّن تشبَّه بهم وادّعى إليهم من الأعراب والدُّعّار، وممن لا يستحقُّ الدِّيوان،