وقومٌ من أهل خراسان صارت لهم الخواصُّ السَّنيَّة، ولم يكن لهم من الغناء ما يستحقُّون به مثلها وذكر أنَّ بيت المال لا يحتمل ذلك، وسأل المأمون أن يولِّيه تصنيف الجند. ولم يكن مذهب حُميدٍ في ذلك التوفير على المأمون، ولا الشفقة على بيت مال المسلمين، ولكنه تعصَّب على أبناء أهل خراسان، واضطغن عليهم محاربتهم إياه أيَّام الحسن بن سهل مع ولد محمد بن أبي خالد وغيرهم، وما كانوا قد انتحوْه به من تلك الوقائع والهزائم، وما ذهب له من الأموال بذلك السَّبب.
فولاه المأمون التصنيف، وأمر للجند برزق شهرين، فولّى حميدٌ العطاء والتصنيف محمود ابن عبد الكريم الكاتب، وعرف محمود ما غزا حميد، فتحامل على الناس واستعمل فيهم الأحقاد والدمن، فخفض الأرزاق، وأسقط الخواصَّ، وبعث في الكور وأنحى على أهل الشرف والبيوتات، حسداً لهم وإشفاءً لغليل صاحبه منهم، فقصد لهم بالمكروه والتعنّت،