للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد زعموا، جعلت فداءك، أن كل ما طال عمره من الحيوانات زائد في شدة الأركان، وفي طول العمر وصحة الأبدان، كالورشان والضباب وحمر الوحش، وكلحم النسر لمن أكله، ولحم الحية لمن استحله فإذا كان هذا حقاً وكان نافعاً، وكنت له مستعملاً وفيه متقدماً، وتراه رأياً، أخذنا منه بنصيب، وتعلقنا منه بسبب.

وفيك أمران غريبان، وشاهدان بديعان: جواز الكون والفساد عليك، وتعاور النقصان والزيادة إياك. وجوهرك فلكي وتركيبك أرضي. فمنك طول البقاء، ومعك دليل الفناء. وأنت علة للمتضاد وسبب للمتنافي. وما ظنك بخلق لا تضره الإحالة، ولا يفسده التناقض.

فصل

جعلت فداك، قد شاهدت الإنس منذ خلقوا، ورأيت الجن قبل أن يحجبوا، ووجدت الأشياء بنفسك خالصة وممزوجة، وأغفالاً وموسومة، وسالمة ومدخولة، فما يخفى عليك الحجة من الشبهة، ولا السقم من الصحة، ولا الممكن من الممتنع، ولا المستغلق من المبهم، ولا النادر من البديع، ولا شبه الدليل من الدليل.

وعرفت علامة الثقة من علامة الريبة، حتى صارت الأقسام عندك محصورة، والحدود محفوظة، والطبقات معلومة، والدنيا بحذافيرها

<<  <  ج: ص:  >  >>