للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد فمن وهب الكبير كيف يقف عند الصغير، ومن لم يزل يعفو عن العمد كيف يعاقب على السهو؟ ! ولو كان عظم قدري هو الذي عظم ذنبي لكان عظم قدري هو الذي شفع لي. ولو استحققت عقابك بإقدامي عليك مع خوفي لك لاستوجبت عفوك عن إقدامي عليك بحسن ظني بك.

على أني متى أوجبت لك العفو فقد أوجبت لك الفضل، ومتى أضفت إليك العقاب فقد وصفتك بالإنصاف. ولا أعلم حال الفضل إلا أشرف من حال العدل؛ والحال التي توجب لك الشكر إلا أرفع من الحال التي توجب لك الصبر.

وإن كنت لا تهب عقابي لحرمتي فهبه لأياديك عندي؛ فإن النعمة تشفع في النعمة.

فإن لم تفعل ذلك للحرمة فافعله لحسن الأحدوثة، وعد إلى حسن العادة. وإن لم تفعل ذلك لحسن العادة فائت ما أنت أهله.

واعلم أني وإياك متى تحاكمنا إلى كرمك قضي لي عليك، ومتى ارتفعنا إلى عدلك حسن العفو عني عندك.

<<  <  ج: ص:  >  >>