للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الشر صراحاً خيراً لهم، والباطل محضاً أرد عليهم. ولكن لكل شيء قدر، ولكل حال شكل. فالضحك في موضعه كالبكاء في موضعه، والتبسم في موضعه كالقطوب في موضعه. وكذلك المنع والبذل، والعقاب والعفو، وجميع القبض والبسط.

فإن ذممنا المزاح ففيه لعمري ما يذم، وإن حمدناه ففيه ما يحمد. وفصل ما بينه وبين الجد أن الخطأ إلى المزاح أسرع، وحاله بحال السخف أشبه. فأما أن يذم حتى يكون كالظلم، وينفى حتى يصير كالغدر فلا؛ لأن المزاح مما يكون مرة حسناً ومرة قبيحاً. فإذا صرنا إلى الجد، ورغبنا عن الهزل وتركنا المزاح، وجلسنا للحكم، فقد أغناك الله تعالى عن الحجة، كما سلمك من الشبهة، ولم نكلفك الاحتجاج كما نرغب بك من الاعتلال، فأصبحت لا محتجاً ولا محجوجاً، ولا غفلاً ولا موسوماً، ولا ملوماً ولا معذوراً، ولا فيك اختلاف ولا بك حاجة إلى الائتلاف.

وليس مع العيان وحشة، ولا مع الضرورة وجمة، ولا دون اليقين وقفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>