للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمهم، وتختار من صنوفه ما أنت أنشط له، والطبيعة به أعنى؛ فإن القبول على قدر النشاط، والبلوغ فيه على قدر العناية.

ثم من أفضل أسبابه تخليص أخلاقه، وتمييز أجناسه، والمعرفة بأقداره، حتى تعطي كل معنى حقه من التقريب والرفعة، وقسطه من الإبعاد والضعة، حتى لا تتشاغل إلا بالسمين الثمين، وبالخطير النفيس، ولا تلقي إلا الغث الخسيس، والحقير السخيف. فإنك متى كنت كذلك لم تعتبر فضل ما بين النظرين، ولا صرف ما بين النعتين.

الكيس كل الكيس، والحذق كل الحذق: أن لا تعجل ولا تبطىء، وأن تعلم أن السرعة غير العجلة، وأن الأناة خلاف الإبطاء. وأن تكون على يقين من درك الحق إذا وفيته شرطه، وعلى ثقة من ثواب النظر إذا أعطيته حقه.

هذا جملة ما للعذر في هذه المسألة، وجملة الحجة فيما قدمنا من الافتنان والإطالة. فإن كنا أصبنا فالصواب أردنا، وإن كنا أخطأنا فما ذاك عن فساد من الضمير، ولا قلة احتفال بالتقصير. ولعل طبيعة

<<  <  ج: ص:  >  >>