للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

في مدح النبيذ وصفة أصحابه

أنا - أبقاك الله - الطالب المشغول، والقائل المعذور، فإن رأيت خطأً فلا تنكر فإني بصدده وبعرض منه، بل في الحال التي توجبه، والسبب الذي يؤدي إليه. وإن سمعت تسديداً فهو الغريب الذي لا نجده. اللهم إلا أن يكون من بركة مكاتبتك، ويمن مطالبتك. ولأن ذكرك يشحذ الذهن، ويصورك في الوهم، ويجلو العقل؛ وتأميلك ينفي الشغل.

ولا يعجبني ما رأيت من قلة إطنابك في هذا النبيذ، وقلة تلهيك بهذا الشراب وأنت تجد من فضل القول وحسن الوصف ما لا يصاب عند خطيب، ولا يوجد عند بليغ. وأنت ولو مشيت الخيلاء، وحقرت العظماء، وأرغبت الشعراء، وأعطيت الخطباء، ليكون القول منهم موصولاً غير مقطوع، ومبسوطاً غير مقصور، لكنت بعد مقصراً في أمره، مفرطاً في واجب حقه. فلا تأديب الله قبلت، ولا قول الناصح سمعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>