للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بفضله لم نعجب من تقصيرك في حقه، ولولا أن الخطأ فيك أقبح، والقبيح منك أسمج، وهو فيك أبين والناس به أكلف، والعيون إليه أسرع لكان كتابنا كتاب مطالبة، ولم يكن كتاب معاتبة، ولشغلنا الحلم لك عن الحلم عليك، والقول لك عن القول فيك.

وقد كنت أهابك بفضل هيبتي لك، وأجترىء عليك بفضل بسطك لي، فمنعني حرص الممنوع، وخوف المشفق، وأمن الواثق، وقناعة الراضي.

وبعد فمن طلب ما لا يجاد به، وسأل ما لا يوهب مثله ممن يجود بكل ثمين، ويهب كل خطير، فواجب أن يكون من الرد مشفقاً، وبالنجح موقناً.

وإن كان - أبقاك الله - أهلاً لأن يمنع، وكنت حفظك الله أهلاً أن تبذل، وجب أن تكون باذلاً مانعاً، وساكناً مطمئناً، إلا أن يكون الحرب سلماً سجالاً، والحالات دولاً.

ولهذه الخصال ما وقع الطلب، وشاع الطمع.

فإن منعت فعذرك مبسوط عند من عرف قدره، وإن بذلت فلم تعد الذي أنت أهله عند من عرف قدرك، إلا أنه لا يجود بمثله إلا غني عند جميع الناس، أو عاقل فوق جميع الناس.

وكيف لا أطلب طلب الجريء المتهور، وأمسك إمساك الهائب

<<  <  ج: ص:  >  >>