للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو لم يكن من أياديه ومننه، ومن جميل آلائه ونعمه، إلا أنك ما دمت تمزجه بروحك، وتزاوج بينه وبين دمك فقد أعفاك من الجد ونصبه، وحبب إليك المزاح والفكاهة، وبغض إليك الاستقصاء والمحاولة، وأزال عنك تعقد الحشمة وكد المروءة، وصار يومه جمالاً لأيام الفكرة، وتسهيلاً لمعاودة الروية، لكان في ذلك ما يوجب الشكر، ويطيب الذكر. مع أن جميع ما وصفناه وأخبرنا به عنه يقوم بأيسر الجرم، وأقل الثمن.

ثم يعطيك في السفر ما يعطيك في الحضر، وسواء عليك البساتين والجنان. ويصلح بالليل كما يصلح بالنهار، ويطيب في الصحو كما يطيب بالدجن، ويلذ في الصيف كما يلذ في الشتاء، ويجري مع كل حال. وكل شيء سواه فإنما يصلح في بعض الأحوال.

ويدفع مضرة الخمار، كما يجلب منفعة السرور.

إن كنت جذلاً كان باراً بك، وإن كنت ذا هم نفاه عنك.

وما الغيث في الحرث بأنفع منه في البدن، وما الريش السخام بأدفأ منه للمقرور.

<<  <  ج: ص:  >  >>