للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بحدته، ويصرع الشارب بسورته، ويورث البهر بكظته، ولا يسري في العروق لغلظه، ولا يجري في البدن لركوده، ولا يدخل في العمق ولا يدخل الصميم.

ولا والله حتى يغازل العقل ويعارضه، ويدغدغه ويخادعه، فيسره ثم يهزه، فإذا امتلأسروراً وعاد ملكاً محبوراً، خاتله السكر وراوغه، وداراه وما كره، وهازله وغانجه. وليس كما يغتصب السكر، ويعتسف الداذي، ويفترس الزبيب؛ ولكن بالتفتير والغمز، والحيلة والختل، وتحبيب النوم، وتزيين الصمت.

وهذه صفة شرابك إلا ما لا نحيط به، ونعوته تتبدل إلا ما يقبح منها الجهل به.

وخير الأشربة ما جمع المحمود من خصالها وخصال غيرها. وشرابك هذا قد أخذ من الخمر دبيبها في المفاصل، وتمشيها في العظام ولونها الغريب؛ وأخذ برد الماء ورقة الهواء، وحركة النار، وحمرة

<<  <  ج: ص:  >  >>