فلم أزل أبقاك اللَّه في أحوالك تلك كلُّها بفضيلتك عارفاً، ولك بنعم اللَّه عندك غابطاً، أرى ظواهر أمورك المحمودة فتدعوني إلى الانقطاع إليك، وأسأل عن بواطن أحوالك فتزيدني رغبةً في الاتصال بك، ارتياداً مني لموضع الخيرة في الأخوَّة، والتماساً لإصابة الاصطفاء في المودة، وتخيُّراً لمستودع الرجاء في النائبة.
فلما محضتك الخبرة، وكشفك الابتلاء عن المحمدة، وقضت لك التجارب بالتقدمة، وشهدت لك قلوب العامة بالقبول والمحبة، وقطع اللَّه عذر كل من كان يطلب الاتصال بك، طلبت الوسيلة إليك والاتصال بحبلك، ومتتُّ بحرمة الأدب وذمام كرمك. وكان من نعمة اللَّه عندي أن جعل أبا عبد اللَّه - حفظه اللَّه - وسيلتي إليك، فوجدت المطلب سهلاً والمراد محموداً، وأفضيت إلى ما يجوز الأمنيَّة ويفوت الأمل، فوصلت إخاي بمودتك، وخلطتني بنفسك، وأسمتني في مراعي ذوي الخاصة بك، تفضلاً لا مجازاة، وتطولاً لا مكافاة، فأمنت الخطوب، واعتليت على الزمان، واتخذتك للأحداث عدةً، ومن نوائب الدهر حصناً منيعاً.
فلما حزت المؤانسة، وتقلبت من فضلك في صنوف النعمة، وزاد بصرى من مواهبك في السرور والحبرة، أردت خبرة المشاهدة، فبلوت