أخلاقك، وامتحنت شيمك، وعجمت مذاهبك على حين غفلاتك، وفي الأوقات التي يقل فيها تحفظك، أراعي حركاتك، وأراقب مخارج أثرك ونهيك، فأرى من استصغارك لعظيم النعم التي تنعم بها، واستكثارك لقليل الشكر من شاكريك، ما أعرف به وبما قد بلوت من غيرك، وما قد شهدت لي به التجارب، أن ذلك منك طبعٌ غير تكلُّف.
هيهات! ما يكاد ذو التكلف أن يخفي على أهل الغباوة، فكيف على مثلي من المتصفحين. فزادتني المؤانسة فيك رغبةً، وطول العشرة لك محبة، وامتحاني أفاعيلك لك تفضيلاً، وبطاعتك دينونةً.
وكان من تمام شكري لربي ولي كل نعمة، والمبتدئ بكل إحسان، الشكر لك والقيام بمكافأتك بما أمكن من قولٍ وفعل؛ لأن الله تبارك وتعالى نظم الشكر له بالشكر لذي النعمة من خلقه، وأبي أن يقبلهما إلا معاً؛ لأن أحدهما دليلٌ على الآخر، وموصولٌ به. فمن ضيع شكر ذي نعمةٍ من الخلق فأمر الله ضيَّع، وبشاهده استخف.
ولقد جاء بذلك الخبر عن الطاهر الصادق صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم:" من لم يشكر للناس لم يشكر الله ".