للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

إنا لما ذكرنا في كتابنا هذا الحب الذي هو أصل الهوى، والهوى الذي يتفرع منه العشق، والعشق الذي يهيم له الإنسان على وجهه أو يموت كمداً على فراشه. وأول ذلك إدخال الضيم على مروءته، واستشعار الذلة لمن أطاف بعشيقته.

ولم نطنب مع ذلك في ذكر ما يتشعب من أصل الحب من الرحمة والرقة، وحب الأموال النفيسة والمراتب الرفيعة، وحب الرعية للأئمة، وحب المصطنع لصاحب الصنيعة، مع اختلاف مواقع ذلك من النفوس، ومع تفاوت طبقاته في العواقب، احتجنا إلى الاعتذار من ذكر العشق المعروف بالصبابة، والمخالفة على قوة العزيمة، لنجعل ذلك القدر جنة دون من حاول الطعن على هذا الكتاب، وسخف الرأي الذي دعا إلى تأليفه، والإشادة بذكره. إذا كانت الدنيا لا تنفك من حاسد باغ، ومن قائل متكلف، ومن سامع طاعن، ومن منافس مقصر. كما أنها لا تنفك من ذي سلامة متسلم، ومن عالم متعلم، ومن عظيم الخطر حسن المحضر، شديد المحاماة على حقوق الأدباء، قليل التسرع إلى أعراض العلماء.

وإنما العشق اسم لما فضل عن المقدار الذي اسمه حب. وليس

<<  <  ج: ص:  >  >>