للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل منه في ذكر الولد

وباب آخر: وهو أنا لو خيرنا رجلاً بين الفقر أيام حياته، وبين أن يكون ممتعاً بالباه أيام حياته، لاختار الفقر الدائم مع التمتع الدائم.

وليس شيء مما يحدث الله لعباده من أصناف نعمه وضروب فوائده، أبقى ذكراً، ولا أجل خطراً من أن يكون للرجل ابن يكون ولي بناته، وساتر عورة حرمه، وقاضي دينه، ومحيي ذكره، مخلصاً في الدعاء له بعد موته، وقائماً بعده في كل ما خلفه مقام نفسه.

فمن أقل أسفاً على ما فارق، ممن خلف كافياً مجرباً، وحائطاً من وراء المال موفراً، ومن وراء الحرم حامياً، ولسلفه في الناس محبباً. وقال رجل لعبد الملك بن مروان، وقد ذكر ولد له: " أراك الله في بنيك ما أرى أباك فيك، وأرى بنيك فيك ما أراك في أبيك! ".

ونظر شيخ وهو عند المهلب إلى بنيه قد أقبلوا فقال: " آنس الله بكم لاحقكم، فوالله إن لم تكونوا أسباط نبوة إنكم أسباط ملحمة ".

وليست النعمة في الولد المحيي، والخلف الكافي، بصغيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>