وقال أبو العباس - بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه: أن الله تعالى قال: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر» ، الحديث- وقد تقدم-: وهذا كثير في الكتاب والسنة، يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به.
قال بعض السلف: هو كقولهم: كانت الريح طيبة، والملاح حاذقا، ونحو ذلك مما هو جار على ألسنة كثير.
فيه مسائل: الأولى: تفسير معرفة النعمة وإنكارها.
الثانية: معرفة أن هذا جار على ألسنة كثير.
الثالثة: تسمية هذا الكلام إنكارا للنعمة.
الرابعة: اجتماع الضدين في القلب.
باب قول الله تعالى {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا}
الواجب على الخلق إضافة النعم إلى الله قولا واعترافا كما تقدم، وبذلك يتم التوحيد، فمن أنكر نعم الله بقلبه ولسانه فذلك كافر ليس معه من الدين شيء.
ومن أقر بقلبه أن النعم كلها من الله وحده، وهو بلسانه تارة يضيفها إلى الله، وتارة يضيفها إلى نفسه وعمله وإلى سعي غيره كما هو جار على ألسنة كثير من الناس، فهذا يجب على العبد أن يتوب منه، وأن لا يضيف النعم إلا إلى موليها، وأن يجاهد نفسه على ذلك ولا يتحقق الإيمان إلا بإضافة النعم إلى الله قولا واعترافا.
فإن الشكر الذي هو رأس الإيمان مبني على ثلاثة أركان:
اعتراف القلب بنعم الله كلها عليه وعلى غيره.
والتحدث بها والثناء على الله بها.
والاستعانة بها على طاعة المنعم وعبادته، والله أعلم.